في البداية يجب التوضيح ان هذا المقال موجه أكثر لأعضاء هيئة التدريس والقائمين على صياغة وتعديل اللوائح الجامعية. أما بالنسبة للطلاب فالمقال مجموعة من المعلومات العامة لمجرد فهم المنظومة بشكل أفضل.
هذا المقال الهدف منه إيضاح ماهية نظام الساعات المعتمدة، لماذا تم انشاؤه، كيفية تطبيقه، ماهية أبعاده، ما هي مميزاته وعيوبه، وما هي المشكلات في التطبيق التي يقع فيها أغلب المنفذين والمتبنين لهذا النظام.
النظام التقليدي الذي كان متبع من أغلب الجامعات الحكومية في مصر، هو نظام يطلق عليه نظام الفصلين الدراسيين. في هذا النظام يتم تحديد عدد معين من المقررات الواجب للدارس دراستها واجتيازها. ويتم توزيع تلك المقررات على عدد معين من السنوات الدراسية، وكل سنة دراسية مكونة من فصليين دراسيين. مسار جميع الطلاب خلال تلك السنوات محدد وثابت ولا يختلف من طالب لطالب.
أهم مميزات ذلك النظام التقليدي هي سهولة التطبيق والإدارة، فإنه لا يتطلب عدد كبير من المحاضرين. كل دكتور يقوم بتدريس عدد محدد وثابت تقريبا من المحاضرات في كل فصل دراسي. أيضا سهولة توزيع المحاضرات على القاعات التدريسية. انخفاض العدد الكلي المطلوب من القاعات التدريسية. سهولة الأعمال الإدارية من تنظيم الامتحانات وأعمال الكنترولات وحساب الدرجات التراكمية، الخ.
العيب الأكبر لذلك النظام هو افتقاره للمرونة الكافية. لا يستطيع الطالب المتفوق من تخطي السنوات الثابتة والحصول على الشهادة في مدة أقل. لا يستطيع الطالب تغيير ترتيب المقررات بالشكل الذي يتناسب مع ظروفه وقدرته الاستيعابية. الرسوب في أحد المقررات يتطلب الانتظار عام كامل لاجتياز المقرر في نفس الفصل الدراسي (امتحانات التخلفات). لا يحتوي ذلك النظام على وسيلة موحدة لقياس الثقل الاكاديمي لكل مقرر مقارنة ببقية المقررات في نفس الجامعة أو في جامعة أخرى. من عواقب ذلك أيضا حدوث (بشكل غير متعمد) سوء توزيع للمقررات في بعض الفصول الدراسية، فتصبح الدراسة في بعض الفصول أصعب كثيرا أو أسهل كثيرا من بقية الفصول الدراسية.
تلك العيوب دفعت القائمين على العملية التعليمية للبحث عن حل، وهنا ظهرت الحاجة لإيجاد طريقة موحدة لقياس الثقل الأكاديمي لكل مقرر لأن ذلك سيساهم ويساعد في حل بعض تلك المشاكل.
نظام الساعات المعتمدة هو نظام الهدف منه توحيد طريقة قياس الثقل الأكاديمي للمقررات الدراسية واستخدام وحدة موحدة للتعبير عن وزن كل مقرر. تلك الوحدة الموحدة هي "الساعات المعتمدة". والطريقة التي تستخدم في حساب وزن المادة من ساعات معتمدة تعتمد على إجمالي عدد ساعات الاتصال لتلك المادة. ساعات الاتصال تلك تشمل ساعات المحاضرات والتمارين والمعامل والمذاكرة المنزلية أو أي أنشطة يجب الطالب أن يقوم بها لتحصيل المعلومات والمهارات المطلوبة.
طريقة الحساب ليست ثابتة وموحدة في كل الجامعات والدول، ولكنها تتشابه بشكل كبير. لنأخذ مثال حتى يتضح الأمر بشكل أكبر. لنفترض مقرر دراسي يتطلب ساعتين أسبوعيا في صورة محاضرة، وساعتين أسبوعيا في صورة تمرينات. يتم افتراض ان لكل ساعة محاضرة يناظرها ساعة أخرى سيكون على الطالب أن يقضيها في مذاكرة وتدوين المعلومات. هذا يعني ان ساعتين المحاضرة سيضاف عليها ساعتين أخريين للمذاكرة في المنزل. ويتم افتراض ان ساعات التمارين لا تتطلب أي مذاكرة اضافية. هذا يعني ان ذلك المقرر سيتطلب من الطالب اجمالي ساعات اتصال 6 ساعات (2 محاضرة + 2 مذاكرة للمحاضرة + 2 تمرين). الخطوة النهائية هي تحويل اجمالي عدد ساعات الاتصال للوحدة الموحدة (الساعات المعتمدة). يتم افتراض مثلا أن كل 3 ساعات اتصال تكافئ ساعة واحدة معتمدة. إذا تلك المادة وزنها 2 ساعة معتمدة.
حساب درجات كل مادة في نظام الساعات المعتمدة مرتبط بوزن المادة، وبالتالي جميع المواد التي لها نفس عدد الساعات سيكون لها نفس الدرجة. تلك النقطة تختلف بشكل كبير عن النظام التقليدي.
لحساب النهاية العظمى للمادة يتم ضرب مقياس التقييم المستخدم في عدد الساعات المعتمدة. مثال: إذا كان مقياس التقييم هو الـ 4 نقاط والمادة وزنها 3 ساعات معتمدة، إذا درجة المادة ستكون 12، أما إذا كان مقياس التقييم 100%، إذا ستكون درجة المادة 300.
تطبيق ذلك النظام يتطلب مراجعة جميع المواد لتحديد اجمالي الساعات اللازمة لدراستها (ساعات الاتصال) ثم يتم تحويل تلك الساعات إلى ساعات معتمدة باستخدام التحويلة التي تم ذكرها سابقا.
أكبر مشكلة تظهر بعد تطبيق التحويل إلى ساعات معتمدة هو اعتقاد الكثير من الناس أنه يلزم تغيير منظومة الدراسة بالكامل، وللأسف هذا غير صحيح. الحقيقة الغائبة عن الكثير أنه يمكن الاكتفاء بتحويل المواد إلى تلك الوحدة الموحدة (الساعات المعتمدة) بدون تغيير أي شئ آخر في نظام الدراسة. هذا يعني أنه يمكن الاحتفاظ بنظام دراسة الفصليين الدراسيين مع تحويل المواد لساعات معتمدة دون تغيير أي شئ آخر.
السؤال الذي يطرح نفسه عند تلك النقطة، ما الاستفادة إذا من هذا النظام إذا كنا سنحافظ على طبيعة الدراسة ذات الفصليين الدراسيين؟؟؟؟؟ الإجابة هي: هناك ثلاث مزايا أساسية سيتم الاستفادة منها.
وجود وحدة موحدة لوزن كل مادة يعني أنه يمكن عمل تعديلات بسيطة على توزيع المواد في الفصول الدراسية بحيث يكون إجمالي عدد الساعات المعتمدة متقارب بين الفصول والذي يعني توزيع متكافئ للمقررات. هذا يحل مشكلة وجدود فصل دراسي صعب وآخر سهل.
ربط درجات المقررات بالساعات المعتمدة يعني تساوي درجات كل المققرات التي تتطلب نفس المجهود والوقت من الطالب. هذا يعني توزيع متكافئ للدرجات على المواد.
وجود وحدة موحدة للمقررات يُسَهِّل انتقال الطالب من جامعة لجامعة أخرى ويعطي انطباع سريع عن حجم المقرر لكل من يطلع على بيان درجات الخريج.
واحدة من أكثر الأشياء تطبيقا مع نظام الساعات المعتمدة هو مقياس تقييم الـ 4 نقاط. هذا المقياس مشهور في أمريكا بالتحديد. الحقيقة أن مقياس التقييم أمر غير مرتبط بنظام الساعات المعتمدة. حيث أن نظام الساعات المعتمدة هو نظام وزن المواد، أمَّا نظام الـ 4 نقاط هو مقياس تقييم مستوى الطالب. يمكن استخدام أي مقياس تقييم مع نظام الساعات المعتمدة. يمكننا الابقاء على مقياس الـ 100% في التقييم وربطه بنظام الساعات المعتمدة. لا يوجد ما يمنع ذلك. يمكننا استخدام مقياس الـ 4 نقاط بدون استخدام نظام الساعات المعتمدة، أيضا لا يوجد ما يمنع ذلك. يوجد الكثير جدا من مقاييس التقييم في جميع أنحاء العالم، ويمكنك الاطلاع على بعضهم من خلال هذا الرابط.
في حالة إيمانك بأن نظام الـ 4 نقاط هو الأفضل، يجب أن تتأكد من امتلاكك جميع المقومات اللازمة لتطبيقه قبل أن تدمجه في اللائحة الجديدة. تغيير مقياس التقييم يلزم تدريب أعضاء هيئة التدريس وشئون الطلاب على كيفية استخدامه وطريقة تنفيذ الحسابات الخاصة به. أضف إلى ذلك، يجب تحديث برامج الرصد الخاصة بالكنترولات لحساب التقديرات والتراكمي. في حالة وجود قصور يمنع اجراء التدريبات اللازمة أو يمنع تحديث أنظمة وبرامج الرصد، إذا يجب عليك ألا تغير مقياس التقييم وحافظ على مقياس الـ 100% الذي أثبت كفاءته على مر السنين.
أحد أهم مزايا نظام الساعات المعتمدة وجود وحدة موحدة لوزن المواد مما يسمح باعطاء الحرية للطالب في اختيار ترتيب المواد الذي يناسبه ما دام يلتزم بمتطلبات كل مادة ولا يتعدى الحد الأقصى للساعات المعتمدة في الفصل الدراسي الواحد. هذا الميزة لكي يستفيد بها الطالب يجب أن تتوفر عدة أشياء في الكلية:
عدد أعضاء هيئة تدريس كافي. مرونة اختيار المقررات تعني عدد محاضرات أكبر.
عدد قاعات تدريسية كافي.
برنامج رصد خاص بالكنترولات قادر على التعامل مع تلك المنظومة الجديدة وقادر على حساب التراكمي للطالب.
تدريب المنظومة الإدارية على التعامل مع هذا القدر العالي من مرونة التوزيع والذي يتبعه صعوبة في عمل الجداول الدراسية، جداول الامتحانات، توزيع القاعات، الخ...
في حالة عدم وجود أي نقطة من تلك النقاط التي ذكرتها، اذا لا تقم أبدا بتطبيق مرونة الاختيار للطلاب وحافظ على النظام التقليدي للفصليين الدراسيين واستفد فقط من الثلاث مزايا المذكورين سابقا للساعات المعتمدة.
منظومة التدريس ليست شئ مقدس ولا يوجد طريقة صحيحة 100% ولا يوجد منظومة مناسبة للجميع. كل منظومة لها مميزاتها ولها عيوبها ولها متطلباتها. أفضل منظومة هي التي تستفيد من الامكانيات المتاحة بأفضل طريقة ممكنة. ضع ذلك في ذهنك أثناء وضع اللائحة وتحرر من اللوائح السابقة وقيودها وعدل ما تراه مناسبا للامكانيات المتاحة حتى تحصل على لائحة دراسية سليمة وذات كفاءة عالية.